الساحر و عالم الأفكار
الساحر و عالم الأفكار:
في سنة 2005 عمل العالمين الساحر “جوستاف كون” و عالم الأفكار “بينجامين تاتلر” رفقة عالم الأعصاب مايكل لاند على دراسة عدة خدع سحرية للتوصل إلى إذا ما كانت العين هي المسؤولة على خدعة البصرية أو الدماغ أو كليهما معا … و ذلك بمعرفة لحظة تطبيق الخدعة إن كانت العين لم تكن تنظر فى المكان المناسب فى الوقت المناسب أم أنه لم يكن حاضر الذهن بغض النظر عن إتجاه العين؟
فكانت الإجابة صادمة بأتم معنى الكلمة.
المسار الوهمي:
في خدعة إختفاء الكرة عند رميها من طرف الساحر تبين لهم أن لحظة إظهار الساحر أنه يرمي الكرة ، يرى المشاهد حركة عينيّ الساحر التي تتبع المسار الوهمي للكرة و كأنه ألقى بها فعلا فى الهواء ، فتبدو الخدعة و كأن الكرة خرجت من يده ثم إختفت فى الهواء .
و الحقيقة هي أن المشاهد لم يكن ينظر إلى المكان الذى نظن أن الكرة إختفت فيه بل حركة عين و رأس الساحر مع الكرة هي من أوهمت المشاهد
وهي سبب نجاح الخدعة .
علاقة الخلايا العصبية بخدعة الساحر وعالم الأفكار:
الآن سأتكلم عن سبب كتابة هذا المقال.. أظهرت التجربة أيضا أن الخلايا العصبية التى إستجابت إلى “الحركة الوهمية” للكرة بناءا على مسار حركة عين الساحر و رأسه و التى أعطت توقع بحركة الكرة فى الهواء رغم أنها لم تحدث، تقع فى نفس المنطقة فى المخ حيث تتواجد الخلايا العصبية البصرية التى تنشط فى حالة إدراك “الحركة الحقيقية” ….. أي أن كلتا من الحركة الوهمية ( الإخفاء) و الحقيقية (مسار الكرة الطبيعي) تنشطان في نفس مكان الوصلات العصبية من الدماغ وقطعا تبدو الخدعة حقيقية تماما
..أي و بالمفهوم العام ..
. فالعقل يستعمل الإستنتاجات المنطقية التي تم تلقينه إياها في الطفولة في تحليله لأي مسألة …
و لحظة إدراكه لخلل في استنباطاته المنطقية يلجأ الى الخرافة و هي في هذا المثال إختفاء الكرة ..
نجاح خدعة الساحر وعالم الأفكار :
و بعيدا عن السحر … يعتمد نجاح الخدعة في يومنا هذا … ليس على قدرة الصانع فقط …. بل قدرته أيضا في تحديد المستويات الإدراكية للأشخاص الذي يريد خداعهم ….. أي إذا استطاع تلقينك و تكسيبك لمفاهيم التي يريدك أن تكتسبها.
و ذلك يتم خلال الأطوار الإبتدائية من حياتك… فحتما سيسهل عليه التحكم فيك … و بالطريقة التي يريدها .
أظن أنك أيها القارئ تفكر في شيء ما … بالتحديد هو ذلك الذي أريدك أن تطلع عليه .
فكم تتشابه الحقيقة مع الأوهام في يومنا هذا و أصبح من الصعب التفريق بينهما …. و نجاح الخدعة لا يحدده فقط ذكاء الصانع بل نجاحها محسوم مسبقا و منذ ولادتك.
أقرأ أيضآ